مدينة المدينة

طنجة

مدينة مغربية تقع في شمال المملكة المغربية على ساحل البحر الأبيض المتوسط، يفوق عدد سكانها المليون نسمة، وتميز طنجة بكونها نقطة التقاء بين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي من جهة، وبين القارة الأوروبية والأفريقية من جهة أخرى. طنجة هي عاصمةجهة طنجة تطوان وهي من أهمّ المدن في المغرب. مدينة طنجة هي أحد أهم مراكز التجارة والصناعة في شمال أفريقيا كما تعد المدينة قطبا اقتصاديا لكثرة مقار الشركات والبنوك. وأحد أهم مراكزها السياسية والاقتصادية والثقافية.وتعد مدينة طنجة أكبر مراكز الصناعة والتجارة والمال في المغرب، وبها أكبر المؤسسات الحكومية الخاصة. واقتصاد المدينة في نمو مستمر. ومنذ عام 1998م، واقتصاد طنجة يتطور بصورة أكبر نتيجة لانتشار الطرق وزيادة القوى العاملة تأتي طنجة في المرتبة الثانية، من حيث النشاط الصناعي في إفريقيا ؛ ويعد ميناء طنجة المتوسط من أكبر الموانئ العالمية التي تعمل في مجال الاستيراد والتصدير كما تعد طنجة من أكبر المراكز الثقافية في إفريقيا.

تقول الأسطورة الشفوية المتداولة بين الناس بمدينة “طنجة” إنه بعد الطوفان ضلت سفينة نوح الطريق وهي تبحث عن اليابسة، وذات يوم حطت حمامة فوق السفينة وشيء من الوحل في رجليها، فصاح ركاب السفينة “الطين جا، الطين جا”، أي جاءت الأرض اليابسة، ومن ثم سميت المنطقة “طنجة”.أما الأسطورة الإغريقية فتقول إن “أنتي” كان ابن “بوسيدون” و”غايا”، وكان يهاجم المسافرين فيقتلهم وصنع من جماجمهم معبدا أهداه لأبيه، وأطلق على مملكته إسم زوجته “طنجة” -بكسر الطاء وسكون النون- وكانت تمتد من سبتة إلى “ليكسوس” مدينة التفاحات الذهبية قرب العرائش.وفي معركة قوية بين هرقل وأنتي استطاع هرقل أن يهزمه، وفي الصراع شقت إحدى ضربات سيفه مضيق البوغاز بين أوروبا والمغرب والمغارات المشهورة باسمه، ثم تزوج بعد ذلك زوجة أنتي، فأنجبت له سوفوكسالذي أنشأ مستعمرة “طنجيس”.وتعد طنجة من بين أقدم مدن المغرب أسسها الملك الأمازيغي سوفاكس ابن الأميرة طنجيس حوالي 1320 سنة قبل الميلاد و استوطنها التجار الفينقيون في القرن الخامس قبل الميلاد وسرعان ما تبوأت مركزا تجاريا على سواحل البحر الأبيض المتوسط.ضمتها الإمبراطورية الرومانية في القرن الأول قبل الميلاد. وبعد سقوط الإمبراطورية الرومانية استولى الوندال على طنجة في القرن الخامس الميلادي. ثم البيزنطيين في القرن السادس حتى فتحها الأمويون عام 702.ولقد استعادت طنجة حيويتها مع انطلاق الفتوحات الإسلامية لغزو الأندلس علي يد طارق بن زياد سنة 711م، ثم من طرف المرابطين والموحدين الذين جعلوا من طنجة معقلا لتنظيم جيوشهم وحملاتهم. بعد ذلك تتالت على طنجة فترات الغزو الإسباني والبرتغالي والإنجليزي منذ 1471م إلى 1684م، والتي تركت بصماتها حاضرة بالمدينة العتيقة كالأسوار والأبراج والكنائس.لكن تبقى أهم مرحلة ثقافية وعمرانية مميزة في تاريخ طنجة الوسيط والحديث هي فترة السلاطين العلويين خصوصا المولى إسماعيل وسيدي محمد بن عبد الله. فبعد استرجاعها من يد الغزو الإنجليزي سنة 1684م في عهد المولى إسماعيل، استعادت طنجة دورها العسكري والدبلوماسي والتجاري كبوابة على دول البحر الأبيض المتوسط، وبالتالي عرفت تدفقا عمرانيا ضخما، فشيدت الأسوار والحصون والأبواب. وازدهرت الحياة الدينية والاجتماعية، فبنيت المساجد والقصور والنافورات والحمامات والأسواق، كما بنيت الكنائس والقنصليات والمنازل الكبيرة الخاصة بالمقيمين الأجانب، حتى أصبحت طنجة عاصمة ديبلوماسية بعشر قنصليات سنة 1830م، ومدينة دولية يتوافد عليها التجار والمغامرون من كل الأنحاء نتيجة الامتيازات الضريبية التي كانت تتمتع بها. تتميز المدينة القديمة في طنجة بطابعها المتميز الذي يؤرخ مرحلة مهمة من تاريخ المدينة عندما كانت خاضعة للانتداب الدولي لمدة تزيد على نصف قرن. فطنجة مدينة لا يمكن أبدا الحديث عن حاضرها من دون الحديث عن ماضيها المثير، ماض يجمع ما بين الغرق في عمق ما قبل التاريخ مع أساطير هرقل وأطلس، وما بين تاريخها العربي الإسلامي الزاهر، وإحدى أهم مراحله الوردية عبور جيوش المسلمين نحو الأراضي الأيبيرية، ونشر الإسلام الذي استمر هناك في دولة الأندلس مدة ثمانية قرون. ثم المرحلة الدولية التي خضعت فيه طنجة لوصاية متعددة الأجناس. الوصول إلى المدينة العتيقة يتم عبر عدة طرق، أهمها شارع الحرية، حيث يوجد فندق «المنزه» الشهير، الذي بناه اللورد بيت في عقد الثلاثينات من القرن الماضي، وهو اليوم الفندق الذي يستقبل مشاهير السياسة والفن والثقافة، وضيوفا وسياحا متميزين من المغرب وخارجه.في شارع الحرية تتجاور الذكريات مع المعالم السياحية. هناك القنصلية الفرنسية التي لا مفر لأي زائر للمدينة من زيارتها. إنها تحفة معمارية لا يمكن العثور على نماذج كثيرة منها في العالم. وحول قصر القنصلية حديقة هي أشبه قرب دار المندوبية يمكن بسهولة رؤية أدراج على شكل منصة مطلة على الساحة، إنها المنصة التي ألقى منها الملك الراحل محمد الخامس خطابه الشهير سنة 1947، وفيه طالب بشكل مباشر باستقلال المغرب، وقال كلمته الشهيرة «ما ضاع حق وراءه طالب». لقد اختار الملك محمد الخامس وقتها طنجة للمطالبة باستقلال المغرب نظرا لما كانت تتمتع به هذه المدينة من هامش حرية كبير، ولأن الملك محمد الخامس أراد أن يوجه خطابه نحو العالم، فكانت طنجة المدينة الأنسب لذلك.على مرتفع قريب من السوق الدبرا يوجد المقر السابق للشرطة الدولية، والمطل مباشرة على ساحة السوق. في هذا المكان يوجد كل يوم سياح بالمئات يلتقطون صورا للذكرى، إنها صور تحمل من صفحات التاريخ أكثر مما تحمل من ألوان.قرب هذا المكان يوجد أحد أقدم مساجد المدينة، هو مسجد سيدي بوعبيد، وقربه توجد مقابر لمختلف الجنسيات، مسلمين ومسيحيين من كل الأعراق، إنها مقابر تؤرخ للتاريخ المتميز لطنجة التي احتضنت العالم في كنفها لزمن طويل.على الجانب الآخر من ساحة السوق الدبرا يوجد ممر كبير على شكل باب مقوّس، إنه باب الفحص الذي يؤدي إلى المدينة العتيقة، أي إلى طنجة «الحقيقية» التي عمرت قرونا طويلة قبل أن تظهر المدينة الجديدة على الروابي المجاورة.باب الفحص يؤدي يسارا إلى حي القصبة العتيق وإلى باقي الأحياء العتيقة في المدينة القديمة حيث المرتفع المطل على مضيق جبل طارق، وهناك صخرة الحافة التي توجد بها المقابر الرومانية المنحوتة في الصخر، وقربها هضبة مرشان التي كانت خلال العهد الدولي المنطقة المفضلة لبورجوازيي وأرستقراطيي المدينة من مختلف الأجناس.ومن يعبر باب الفحص، وينحدر يمينا سيجد منظرا مختلفا. هناك عشرات من متاجر صرف العملة التي تستقبل مئات السياح كل يوم، وقربها متاجر الذهب والفضة بالعشرات، ولذلك سميت «طريق الصياغين»، نسبة إلى صائغي الذهب، ثم عدد من البازارات التي تعرض كل أشكال الصناعة التقليدية المغربية. إنها منطقة تجارية بامتياز، ويسميها السكان «السوق الداخل»، لتمييزها عن السوق الدبرا.وتؤدي طريق الصياغين إلى ساحة تعتبر رمزا من رموز تاريخ طنجة، وهي «ساحة سنترال»، أو «الساحة المركزية»، التي كانت القلب النابض لطنجة الدولية. في هذه الساحة يتركز تاريخ طنجة كما يتكدس كنز في صندوق، فيها الفنادق والمقاهي من كل نوع، والمطاعم والمساكن والمساجد والكنائس ومعابد اليهود ومحلات البريد والمتاجر والمصارف.. كانت القلب النابض لطنجة الدولية، أسوار المدينة العتيقة ومعالمها :تمتد على طول 2200م، مسيجة بذلك الأحياء الخمسة للمدينة العتيقة: القصبة، دار البارود، جنان قبطان، واد أحرضان، وابن إيدر. بنيت أسوار المدينة على عدة مرا حل، والتي من المحتمل جدا أنها بنيت فوق أسوار المدينة الرومانية “تينجيس”. تؤرخ الأسوار الحالية بالفترة البرتغالية (1471-1661م)، إلا أنها عرفت عدة أشغال الترميم وإعادة البناء والتحصين خلال الفترة الإنجليزية (1661-1684)، ثم فترة السلاطين العلويين الذين أضافوا عدة تحصينات في القرن 18م، حيث دعموا الأسوار بمجموعة من الأبراج: برج النعام – برج عامر – برج دار الدباغ وبرج السلام. كما فتحوا بها 13 بابا منها: باب القصبة – باب مرشان- باب حاحا – باب البحر- باب العسة – باب الراحة وباب المرسى.قصبة غيلان : تقع على الضفة اليمنى لوادي الحلق, على الطريق المؤدية إلى مالاباطا شرق المدينة العتيقة. تم بناؤها حوالي 1664 م، ويرتبط اسمها باسم الخدير غيلان قائد حركة الجهاد الإسلامي ضد الاستعمار الإنجليزي الذي احتل مدينة طنجة ما بين 1662م و 1684 م. تتوفر القلعة على جهاز دفاعي محكم، عبارة عن سورين رباعيا الأضلاع محصنين ببرجين نصف دائريين وبارزين، تتوسطهما باب عمرانية ضخمة.قصر القصبة أو دار المخزن : تحتل هذه البناية موقعا استراتيجيا في الجهة الشرقية من القصبة, من المرجح جدا أنه استعمل خلال فترات أخرى من التاريخ القديم. بني قصر القصبة أو قصر السلطان مولاي إسماعيل ، من طرف الباشا علي أحمد الريفي، على أنقاض القلعة الإنجليزية « uper castel ». وهو يحتوي على مجموعة من المرافق الأساسية: الدار الكبيرة، بيت المال، الجامع، المشور، السجون، دار الماعز والرياض. في سنة 1938م تحولت البناية إلى متحف إثنوغرافي وأركيولوجي لطنجة ومنطقتها.الجامع الكبير : على مقربة من سوق الداخل يتواجد الجامع الكبير. تم تحويله إلى كنيسة خلال فترة الاستعمار البرتغالي، بعد استرجاعه في سنة 1684م عرف عدة أعمال ترميم وتوسيع خلال الفترة العلوية. تتميز هذه المعلمة ببهائها وغنى زخارفها، حيث استعملت فيها كل فنون الزخرفة من فسيفساء وزليج وصباغة ونقش ونحت وكتابة على الخشب والجبس. يحتوي الجامع الكبير على بيت للصلاة مكون من ثلاثة أروقة متوازية مع حائط القبلة وصحن محاط من كل جانب برواقين. و بذالك فهو يعتبر نموذجا للمساجد العلوية المعروفة ببساطة هندستها.جامع الجديدة : يقع أمام الزاوية العيساوية على زنقة الشرفاء.. يتميز المسجد بمنارته ذات الزخارف الفسيفسائية.جامع القصبة : يوجد بزنقة بن عبو. بني من طرف الباشا علي أحمد الريفي، ويعتبر من ملحقات قصر القصبة أو ما يسمى بدار المخزن.السفارة الأمريكة :تعتبر هذه البناية أول مؤسسة أصبحت في ملكية الولايات المتحدة خارج أمريكا بعد أن أهداها لها السلطان مولاي سليمان الأول سنة 1821م. فبعد أن استعملت كسفارة أمريكة بالمغرب لمدة 135 سنة تم إخلاؤها لفترة حتى حدود سنة 1976م حيث أصبحت متحفا للفن المعاصر. تحتوي البناية على فناء وسط يذكر بنموذج العمارة الإسبانية الموريسكية، تحيط به مجموعة من القاعات المخصصة لعرض مجموعة من اللوحات الفنية التي أنجزت في المغرب. كما يوجد بها خزانة عامة للكتب الإنجليزية وخزانة متخصصة في تاريخ المغرب العربي وقاعات أخرى للدراسة والبحث، بالإضافة إلى أنها تعتبر فضاء مناسبا لاحتضان مجموعة من الأنشطة الثقافية والموسيقية بالمدينة.الكنيسة الإسبانية :بعد أن قضت البناية فترة في ملكية أسرتين يهوديتين اشتراها السلطان محمد بن عبد الله حوالي 1760م، تم إهداؤها للحكومة السويدية لتؤسس بها أول قنصلية لها سنة 1788م. وفي 1871م استغلها الحاكم الإسباني ليجعل منها إقامة للبعثة الكاثوليكية، فبنى بها كنيسة كبيرة سماها “لابوريشيما”على السيدة مريم أم المسيح. لكن منذ حوالي ثلاثين سنة، ولأنه لم يعد يتردد المسيحيون على الكنيسة بكثرة، أصبحت المؤسسة تعنى بأنشطة اجتماعية مختلفة. أما حاليا فلم يبق من البناية سوى الجزء العلوي من السلم الرئيسي.وشهدت مدينة طنجة خلال شهر دجنبر الأخير حفل افتتاح المركز الثقافي عبد الله كنون الحسني الكائن بحي القصبة ، مشروع ترميم وتجديد دار عبدالله كنون لتصبح مركزا ثقافيا، دام تنفيذه ثلاث سنوات وكلف ما يزيد على أربعة ملايين درهم، وكان من اقتراح واحتضان جمعية البوغاز بشراكة مع مؤسسة عبدالله كنون. شارك في تمويل المشروع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وزارة الخارجية الايطالية والمنظمة الايطالية غير الحكومية “كوسبي” عن طريق مشروع “طنجة، فضاء للتعايش والتعدد الثقافي” (مشروع تابع لجمعية البوغاز)، برنامج الأمم المتحدة للتنمية والتعاون الايطالي عبر برنامج “باسك” ومنطقة “طوسكانا” بايطاليا.مشروع خلق مركز ثقافي في دار عبدالله كنون، التي كانت مهددة بالانهيار، هو جزء من برنامج “طنجة، فضاء للتعايش والتعدد” المبتكر من طرف جمعية البوغاز، الذي يهتم بترميم وتجديد التراث المعماري للمدينة القديمة بطنجة، منذ انشائها عام 1988.المركز الثقافي عبدالله كنون سيحتضن كذلك مقر جمعية البوغاز، وسيكون مفتوحا لكل الجمعيات غير الحكومية لتنظم فيه أنشطتها الثقافية. كما سيسهل عمليات التكوين والتحسيس وتنظيم الملتقيات والتظاهرات الثقافية والاجتماعية التي ستستفيد منها ساكنة المدينة القديمة.ولقد عرفت طنجة عبر تاريخها القديم حركة علمية نشيطة حيث جلس للتعليم ووقف للخطابة علماء أجلاء حفل بهم هذا الثغر منذ انتشار الإسلام به وتثبيت أركان اللغة العربية وإقامة دعائمها، فقد ورد في كتب التاريخ والأدب أن ” المعتد بن عباد” حينما مر ” بطنجة” في طريقه إلى أغمات” اجتمع به علماء طنجة وأدباؤهم وطارحوه أحاديث الأدب ، وكان من علماء هذه المدينة آنذاك:” عبد المنعم عبد الله بن علوش المخزومي الطنجي” الفقيه القاضي و”مروان بن عبد الملك بن سمجون اللواتي الطنجي” الذي يقول عنه ابن عبد الملك: ” تصدر قديما لإقراء القرآن وكان مقرئا مجودا لغويا له حظ من الشعر” ، ويعرفه الأستاذ عبد الله كنون بقوله”…وولي الصلاة والخطبة والفتيا بسبتة، ثم انتقل إلى طنجة صدر الدولة المرابطية، فولي صلاتها وخطبتها وفتياها، ثم تقلد أحكامها وانصرفت إليه جميع أمور الأندلس والمغرب، وفوض إليه أمير المسلمين يوسف في كبار مهامه… وهو من بيت بني سمجون اللواتيين الطنجيين الذين ظهر منهم في هذا العصر والعصر الذي يليه كثير من أهل العلم والفضل: . ومن علماء هذا الثغر في هذا العهد أيضا “علي بن عبد الغني الفهري الحصري القيرواني” أستاذ التفسير والقراءات القرآنية المتوفى سنة 488هـ وهو ناظم القصيدة الرائية في قراءة “نافع” وتقع في 212 بيتا، أخذ عنه ثلة من العلماء، نذكر منهم ” سليمان بن يحيى بن سعيد المعافري القرطبي” و” مرجى بن يونس بن سليمان الغافقي” الذي أضحى فيما بعد من علماء هذا الثغر ورجاله الذين التف حولهم طلبة العلم، يقـول عنـه ” ابن الأبار” :” وكان من أهل المعرفة بالقراءات والعربية… وله شرح على قصيدة ” الحصري” في القراءات، أخذ عنه وسمع منه، وقد أقرأ بسبتة وطنجة وبها كان ساكنا” .وإذا انتقلنا إلى ” العصر الموحدي” نقف أيضا على علماء أجلاء من أمثال عالم القراءات والتفسير “عبد الجليل بن موسى الأنصاري الأوسي” المتوفى سنة 608هـ الذي ألف في تفسير القرآن الكريم كتابا من ستين مجلدا، وإمام النحو واللغة والقراءات:” ابن صاف الإشبيلي محمد اللخمي الطنجي” المتوفى سنة 586هـ الذي نجد من بين مؤلفاته كتابا سماه:” أجوبة لأهل طنجة عن سؤالات المقرئين والنحويين من أهل إشبيلية” .أما في العهد ” المريني” فنجد العالم “ابن عمران يوسف بن محمد أحمد الطنجي”المتوفى سنة 775 ه، و” محمد بن محمد أحمد الطنجي” عالم اللغة والقراءات المتوفي عام 779هـ .ولم يخرج العهد” السعدي” على سابقيه فقد عرفت طنجة في هذا العهد بالعالم المحدث” أبي الفرج الطنجي الذي عاصر الشيخ زروق وابن غازي وتتلمذ على يديه الشيخ المحدث ” محمد سقين السفياني العاصمي”، ثم نجد الشيخ العالم المصلح “أبي محمد عبد الله بن محمد الهبطي” المتوفى عام 930 هجرية. ونحن حين نستحضر هذه الأسماء البارزة التي تختفي وراءها كوكبة من العلماء والأدباء نستحضر دائما صورة العالم العربي المسلم الذي يقف للخطابة، ويجلس للدرس والتعليم، ويتجند للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر امتثالا لأمر دينه وتأدية لأمانة العلم التي في عنقه،فيقصده الطلبة ويروم مجلسه كل متعطش لمعرفة أمر من أمور دينه أو دنياه، فبوجود العلم والعالم وجدت مجالس العلم والتعليم،هذه المجالس التي تعد النواة الأولى للتعليم في جميع أنحاء المعمور، ونحن لن نستقصى هنا تاريخ طنجة القديم من أجل الوقوف على هذه المجالس وأحوالها أو الحديث عن قلتها أو كثرتها بل سنكتفي بهذه الإشارات الدالة على أختها والموحية إلى غيرها