الدعوة إلى السلم وتحريم العنف في الإسلام

د. محمد كنون الحسني
يقول الله عز وجل: ﴿وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً﴾ ويقول سبحانه: ﴿والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين﴾ .
وقال عليه الصلاة والسلام: (من يُحرَم الرفق يحرم الخير) ويقول صلى الله عليه وآله وسلم: (إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على سواه)
لقد اعتنى الإسلام عناية كبيرة بنشر الأمن والأمان في المجتمع الإنساني كلِّه، واعتنى كذلك بمحاربة كلِّ أشكال العنف والترهيب والتقتيل؛ لأنها تتنافى مع المعاني السامية والأخلاقيَّات الرفيعة التي حثَّ عليها الإسلام في التعامل بين البشر جميعًا فربُّنَا تبارك وتعالى هو القائل: ( ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)، وكانت سيرة رسول الله خيرَ تطبيق لهذه المعاني والقيم، فلم يعنف صلى الله عليه وسلم طيلة حياته أحدا، ولا ضرب أو تضارب مع أحد مهما كان ومهما وقع، ولا نجد في أخبار الصحابة والتابعين والسلف الصالح حديثا عن هذا أو غيره، بل نجدهم يجنحون إلى الحلم والسلم ومقابلة الحسنة بالسيئة، فقد سبّ رجل أبا بكر – رضي الله عنه – وأرضاه فقال: ” ما ستر الله عنك أكثر”.وشُتم سلمان الفارسي فقال: ” إن خفّت موازيني فأنا شر مما تقول، وإن ثقلت موازيني لم يضرني ما تقول”.و قالت امرأة لمالك بن دينار: ” يا مرائي فقال: ” ما عرفني غيرك”.
فأين نحن من هذا ، وأين الحلم والتسامح والرأفة التي دعا إليها الإسلام، بل ما بال بيوتنا ومجتمعاتنا، ونوادينا، ومدارسنا، وأسواقنا أصبحت تعج بكل أشكال العنف وأنواعه، وما بال التضارب بالأيدي وبالسكاكين والسواطير والسيوف أضحى منتشرا بيننا بل ويتباهى به بعضنا ويفتخر، يفتخر بتعنيفه للناس، يفتخر بانتصاره على جيرانه، يفتخر بإيذائه لأهل حيه ومدينته، يمر بين الناس في الأسواق والنوادي حاملا سيفه أو ساطوره متبخترا في مشيته مفتخرا بهروب الناس منه وإخلائهم الطريق له.
إذا اختلَّ نظام الأمن وزِعزِعت أركانُه واختُرِق سياجُه، فكم يقع – حينئذٍ – من الفتن العريضة والشرور المستطيرة؛ إذ لا يأتي فقدُ الأمن إلا بسفك الدماء، وقتل الأبرياء، وتناثُر الأشلاء، وإثارة الفتن العمياء، والجرائم الشنعاء، والأعمال النَّكراء.
ومن هنا؛ فالأمن في الإسلام مقصدٌ عظيمٌ شُرِع له من الأحكام ما يكفُلُه ويحفظُ سِياجَه، ويدرأُ المساس بجنابه، فقد تضافَرت النصوص القطعية على وجوب المحافظة على الضروريات الخمس، وهي: الدين، والنفوس، والعقول، والأعراض، والأموال، وحرَّمت الشريعةُ كل وسيلةٍ إلى النَّيْل من هذه المقاصد، أو التعرُّض لها، بل إن الإسلام حرَّم كل فعلٍ يعبَثُ بالأمن والاطمئنان والاستقرار، وحذَّر من كل عملٍ يبُثُّ الخوف والرعبَ والاضطراب، من مُنطلق حرصِه على حفظ أجلِّ النعم: الأمن والأمان.
ومن هذا المُنطلق نهى النبي – صلى الله عليه وسلم – أن يتسبَّب الإنسان إلى فعلٍ يؤدِّي إلى المَساسِ بالأمن والاستقرار، يقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: ( لا يحِلُّ لمسلمٍ أن يُروِّع مسلمًا)؛ رواه أحمد، وأبو داود.ويقول – صلى الله عليه وسلم : (لا يُشِر أحدُكم إلى أخيه بالسلاح؛ فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزعُ في يده فيقع في حفرةٍ من النار)؛ متفق عليه.
لكن هل يكفي أن نقول هذا لنقضي على العنف من محيطنا، ولنقتلع الإجرام والضرب والقتل من مجتمعنا، بل لابد من البحث عن الأسباب وطرق العلاج، لأن هؤلاء المنحرفين الضالين وألئك المزهقين للأرواح باسم الدين، هم أبنائي وأبناؤك، إخواني وإخوانك، أبناء عمومتي وأبناء عمومتك، أبناء حيي وأبناء حيك، منا وإلينا تربوا بين أدرعنا وتأثروا بما رأوا في طفولتهم منا، رأوا آباءهم يعنفون أمهاتهم فظنوا أن ذلك قوة ورجولة، ضربوا ضربا مبرحا وهم أطفال من طرف الآباء والمربين فأحسوا بالقهر ، رأوا أهلهم يتضاربون مع الجيران ويستعملون كل وسائل القوة للإظهار الغلبة فحسبوا أن هذا هو أسلوب الحياة، وجدوا آباءهم وأعمامهم وكبار الناس في حيهم يتبادلون الضرب بالأيادي والعصي لأتفه الأسباب ….. فتربوا على أن الغلبة للأقوى والحياة صراع الغلبة فيه للأقوى، فأعدوا عصيهم وشحدوا سيوفهم للدفاع عن أنفسهم ثم لمهاجمة غيرهم وللإثبات ذاتهم والانتقام لطفولتهم التي قضوها تحت القهر والتهميش، أضف إلى ذلك عدم تربيتهم على الأخلاق والمبادئ الإسلامية، وعدم تشبعهم بالقيم الداعية إلى السلم والحلم.
فبالله عليكم ما ذا نرتجي من جيل ربيناه على مظاهر العنف، ولم نعلمه من مبادئ الإسلام وأخلاقه من شي، ولم ننصحه ونوجهه، علمناه أن القوة في الغلبة، وأذقناه وهو طفل كل مظاهر القهر فماذا ننتظر منه؟
نحن المسؤولون ، لأننا لم نكن قدوة صالحة لصغارنا وشبابنا، لم ننصحهم وهم صغار ولم نوجههم وهم كبار، أهملنا تربيتهم وتعليمهم وإشباعهم بالقيم والمبادئ الإسلامية، فللعنف أسباب تربوية واجتماعية ونفسية تتمثل في الجهل والضغط وفي الفقر والحاجة، و في التعذيب والقهر في كل ما يمكن أن يكون صفة سيئة قد لا يكون لها حساب راهن لكنها في النهاية ستؤدي إلى عنف وإلى انفجار.
أيها الأب لا تقهر أولادك فستربيهم عند ذلك على العنف، أيها الأستاذ إياك والقهر لطلابك فالنتيجة لن تكون حسنة، أيها الإنسان حيثما كنت يا من وليت على أي إنسان كان، إياك والقهر فالقهر نتيجته عنف، ابتعدوا عن كل مسببات العنف ولا يمكن أن أقول ابتعدوا عن العنف، فالعنف نتيجة والأجدر أن نتحدث عن أسباب العنف كما يقال.
فلا تحسب أن في صراخك على زوجك وتعنيفها وضربها قوة ورفعة ، ولا تعتبر شدة تعنيفك وقسوتك على أبنائك تربية جادة حازمة، ولا تظن إن في أهانتك لخادمك رفعة وعزة لك،ولاتظن أن تضاربك مع جيرانك وأهل حيك وانتصارك عليهم يرفع من شأنك ويقوي من مكانتك، ولا تحسبن الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يكونان بالتعنيف والتهديد أو بالضرب والقتل، فقد قال تعالى مخاطبا نبيه عليه السلام: “ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك”، ولا تتخيل أخي المسلم أنك أنت المنتصر في أية نقاش بمجرد أن ثارت أعصابك خلاله واشتعلت كلماتك، بل بالعكس قد يهابك الآخرون فعلاً لكن.. لن يحملوا في قلوبهم لك مودة وقربى بل خوفا ورهبة وكرها وبغضا.. وكذلك الحال مع موظفيك وكل من لك عليه سلطة، عاملهم بالرفق واللين، والقول الحسن الجميل، أعف عنه أن أخطأ، وسامحه إن أساء، تغاضى عن هفواته، وتناسى زلاته.. فقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ” ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب.”.
فلا تنتظروا إخواني المسلمين من أحد أن يصلح أحوالكم ويربي أبناءكم، ولا ننتظر أن يعتقل فلان أو يقتل غيره لنفرح بذلك ونقول بهذا قضينا على الداء وهذا هو الإصلاح، يجب أن نقتلع الداء من جدوره:
• لنعد إلى قيمنا الدينية ونربي أبناءنا على الأخلاق الإسلامية.
• لنجعل من أنفسنا قدوة للآخرين في الحلم والتسامح والعفو والرحمة والابتعاد عن كل أشكال العنف وألوانه.
• ولننصح شبابنا ولنوجه من زل عن الطريق من أبنائنا ولنفتح له باب العودة إلى الصواب والتوبة إلى رب العباد، فإننا ولاشك سنهتدي إلى طريق الصلاح.
ووسط ما يعانيه العالم – قديمًا وحديثًا من مشكلة العنف بشتى أشكاله وألوانه يأتي الحلُّ النبويُّ، الذي تمثَّل في تطبيقه للمنهج الإسلامي تطبيقًا يتَّسم بالحكمة والحزم والرحمة، فبدأ رسول الله حلَّه لهذه المشكلة التي كانت متفشية في قومه وبين العشائر والقبائل في عصره، بغرس خُلُق المراقبة في نفوس أصحابه؛ فبهذا الخُلُق يحرص الإنسان على أداء حقوق الله وحقوق العباد، فلا يمارِسُ عنفًا أو إرهابًا؛ لأن الله مطَّلع عليه، ورقيب على سرائره، فعن معاذ أنه قال: قلتُ: يا رسول الله، أوصني. قال: “اعْبُدِ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ”.
ثم ينتقل الحلُّ النبويُّ للمشكلة نقلة أخرى، وذلك بنظرة رسول الله للمجتمع الذي يجب أن يعيش فيه الإنسان، فهناك مجموعة من القيم الرفيعة يجب أن تنشر ويتحلَّى بها المجتمع؛ أوَّلها: إشاعة رُوح الرفق والعدل بين أبنائه، دون تفرقة بينهم بسبب الجنس أو الدين أو العِرْق؛ فيقول رسول الله : “إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لاَ يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ، وَمَا لاَ يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ”.
وثانيها قيمة الرحمة مع المخطئين، وهي من أعظم القيم التي يجب أن ينشأ المجتمع المسلم في ظلِّها؛ ولننظر إلى سيرة رسول الله لندرك عظمة هذه القيمة عنده ، فعن أنس بن مالك أنه قال: بينما نحن في المسجد مع رسول الله ‏ ‏إذ جاء أعرابيٌّ فقام يَبُولُ في المسجد، فقال ‏له أصحاب رسول الله : ‏مَهْ ‏مَهْ قال: قال رسول الله : ” ، ‏دَعُوهُ”. فتركوه حتَّى بال، ثمَّ إنَّ رسول الله ‏دعاه، فقال له: “إِنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ لاَ تَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْبَوْلِ وَلاَ الْقَذَرِ؛ إِنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ اللَّهِ وَالصَّلاَةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ”. ثم أمر رجلاً من القوم فجاء بدلوٍ من ماءٍ ‏ ‏فَشَنَّهُ عليه. فهو هنا رسول الله يحلُّ الموقف برفق تامٍّ منع فيه الصحابة من العنف مع المخطئ، وعَلَّمه درسًا هادئًا رقيقًا دون تخويف ولا ترهيب.
أمَّا ثالثها فهي المسالمة بين أبناء المجتمع، هذه القيمة التي ربط فيها النبي بين أفضليَّة الإنسان عند ربِّه وفي مجتمعه، وبَيَّن مدى مسالمته لأبناء هذا المجتمع، فعن جابر أنه قال: جاء رجل إلى النبي فقال: يا رسول الله، أي المسلمين أفضل؟ فقال: “مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ”.
و لا يكتفي رسول الله بهذه القيم المجتمعيَّة الراقية والرفيعة فقط لحلِّ مشكلة العنف بل يؤكِّد على مجموعة من الأوامر والنواهي تسدُّ باب العنف في المجتمع، وتُشِيع رُوح المودَّة والرحمة، فها هو ذا رسول الله ينهى أُمَّته عن العنف مع النساء، فعن إياس بن عبد الله بن أبي ذُبَابٍ، أنه قال: قال رسول اللَّه : “لاَ تَضْرِبُوا إِمَاءَ اللهِ”.
ونهى رسول الله كذلك عن العنف مع الخدم؛ فقال لأبي مسعود الأنصاري عندما ضرب غلامًا له: “اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ، لَلَّهُ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَيْهِ”.
كما نجد رسول الله يُحَرِّم قَتْل النفس وسَفْكَ الدم المعصوم؛ بل وجعل ذلك من كبائر الذنوب؛ لقوله تعالى: (وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ)
كما نجد رسول الله ينهى عن الترويع وإن كان من باب الفكاهة، فعن عبد الرحمن بن أبي ليلى أنهم كانوا يسيرون مع النبي فنام رجل منهم، فانطلق بعضهم إلى حبل معه فأخذه ففزع، فقال النبي : “لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا”.
إن نعمة الأمن تشكل مع العافية والرزق الملك الحقيقي للدنيا يقول نبينا عليه الصلاة والسلام فيما رواه الترمذي وابن ماجه بسند حسن عن عبيد الله بن محصن :((أصبح منكم آمنا في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا))
إن أي بلد يفقد فيه الأمن يصبح صحراء قاحلة موحشة إن كان فيه من الخيرات ما فيه وإن البلاد تنعم بالأمن تصبح جنة تنعم فيها النفوس بالطمأنينة وأن كان جرداء قاحلة .
في رحاب الأمن يأمن الناس على أموالهم وأعراضهم ويعبدون ربهم في ظلال الأمن تهدأ النفوس و تعمر البلاد ينمو الاقتصاد أن نعمة هذا شأنها وأثرها لجدير أن نبذل في سبيلها كل نفيس.
أن الأمن والإيمان قرينان فلا يتحقق الأمن والإيمان قال تعالى: ((الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمْ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ )) .
إن المجتمع إذا تخلى عن دينه و كفر نعمة الله أحاطت به المخاوف وانتشرت بينهم الجرائم وزال جدار الأمن وحل القلق الخوف إنها سنة كونية لا تتبدل : ((وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ )) .
إن الأمن منحة ربانية و نعمة إلهية قال الله تعالى : ((فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ( وحتى نحافظ على هذه النعمة لا بد من تربية الأمة على طاعة الله والاستقامة على شرعة الله والبعد عن معصية.
إن النفوس المطيعة لا تحتاج إلى رقابة القانون وسلطة الدولة لكي ترد عها عن الجرائم لأن رقابة الله هي الوازع.
إن العلم الشرعي عصمة من الفتن وهو أساس من رسوخ الأمن والاطمئنان يقول ابن القيم : (( إذا ظهر العلم في بلد ومحلة قل الشر في أهلها وإذا خف العلم هناك ظهر الشر والفساد)).
والعلماء الربانيون والدعاة المخلصون هم ورثة الأنبياء وفي ملازمتهم وزيارتهم وسؤالهم والاستنارة بآرائهم سداد في الرأي وتوفيق للصواب ودرء للمفاسد.
وإذا أردنا أن نحافظ على نعمة الأمن فلنقم بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهو صمام أمان فيه يحصل العز والتمكين ويقول تعالى: ((وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ(، )الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ ).
يجب علينا أيها الإخوة : أن يكون مطلب الأمن ثقافة عامة الراعي مع رعيته الأب مع أهله المعلم مع طلابه صاحب العمل مع عماله وأن تعمل جميع الأجهزة الإعلامية على إشاعة الأمن ولتعمل جميع أجهزة الدولة على الحفاظ على الأمن وتحافظ على الأمن بمعالجة ِأسباب انحراف بعض الأبناء بسبب ما تعيشه بعض البيوت من فقر أو نزاعات,
فلوحة الأمن جميلة نحن نرسمها ونصفيها حين نلتزم بشرع الله ونحفظ حدوده وسيزيد الله في ذلك ولئن شكرتم لأزيدنكم .إن نعمة الأمن والاستقرار نعمة جليلة ونعمة عظيمة منة من الله جل وعلا – ولذلك حيثما وجد العدل وجد الأمن والاستقرار ولا يمكن أن يحل الأمن والاستقرار في بلد ما لم يحل فيه العدل والعدل لا يمكن تحقيقه إلا بتحكيم شريعة الله تعالى – فالله تعالى هو أحكم الحاكمين وهو أعدل العادلين :((أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)) هو الأعلم بشئون عباده ولذلك جعل لهم القرآن العظيم منهاجاً لهذا الحياة وما فرط الله تعالى في الكتاب من شيء .
فالقرآن الكريم منهاج حياة لا تقوم الحياة إلا به وإن القرآن والسنة النبوية إذا تنحيا عن الحكم وتنحى الناس عن الاحتكام إلى شريعة الله تعالى – حل بهم ما حل مثل ما حل في الأمم السابقة من اضطراب الأمن وفشو الجرائم والمنكرات عياذاً بالله تعالى من ذلك لم يحل الأمن والاستقرار في دولة لا قبل ولا بعد مثل ما حل في دولة الإسلام التي أسسها نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وآله وسلم – وما أستطاع أحد من أنبياء الله تعالى أن يقيم دولة كاملة سوى نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم – هو الذي مكنه الله تعالى من إرساء دعائم تلك الدولة التي سادت مشرقاً ومغرباً وشمالاً وجنوباً فوصل الإسلام إلى موسكو وبكين والهند وجنوب شرق آسيا وجنوب أفريقيا وأوروبا وإلى أمريكا ويكاد يكون المسلمون هم السواد الأعظم وما من يوم يأتي ويحل إلا والمسلمون في تزايد في العدد إلا والأنظمة الأرضية تدرس الإسلام وتدرس أسسه لأنه ثبت واقعياً وعملياً أن الأمن يرسيه و يرسي دعائمه هذا الدين العظيم .