بمناسبة يوم المهاجر للدكتور محمد كنون الحسني
بمناسبة يوم المهاجر للدكتور محمد كنون الحسني
بمناسبة يوم المهاجر.
في صيف كل سنة نعيش موسم عودة أفراد الجالية المغربية إلى أرض الوطن ، حيث تتكثف الاستعدادات لاستقبالهم حتى تكون عودتهم إلى أرض الوطن عودة مريحة ،وتتضافر الجهود لتوفير الراحة لهم ، ولا يخفى على أحد الوضعية الصعبة التي يعيشها المهاجرون خارج أرض الوطن، في عملهم وسكنهم، وفي التأقلم مع المحيط والعادات والتيارات والمذاهب التي يحيون وسطها، وفي تربية الأبناء والحفاظ على الدين والهوية، ولعل أقواها أن هجرتهم إلى الخارج ليست نهائية ولا مطلقة، بل ظرفية مؤقتة، وحتى الذين يظنون أنهم استقروا أو يفكرون في ذلك فالاستقرار النفسي غير وارد ، والاطمئنان إلى هذا الاستقرار غير حاصل ، وحتى حين يعودون فعودتهم إلى أرض الوطن ليست نهائية ومطلقة ، وعلى هذا الاعتبار فهم ذاهبون وقادمون…
إنهم شعب آخر خارج الوطن ، وهم جزء من شعب هذا الوطن ، فالرابطة بيننا وبينهم قوية ، رابطة دينية ورابطة وطنية ، بحكم الدين فهم إخواننا ، والنبي صلى الله عليه وسلم يوصي بالأخوة في الله فيقول : ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) ، وإخواننا في الوطنية لأن أواصر المواطنة تقتضي التفكير فيهم ،في آلامهم وآمالهم ، فلهم حقوق على هذا الوطن ، وعليهم واجبات تجاهه.
وللمهاجرين في أرض الغربة مشاكل كثيرة، نريدهم أن يتناسوا بعضها وهم بين الأهل والأحباب، ويجتهدوا من أجل التغلب على بعضها الآخر وهم في أرض الغربية، خاصة ما يتعلق بتربية الأبناء والحفاظ على الهوية المغربية والدين الإسلامي في صورته النقية البعيدة عن كل تحريف أو تشريش أو مغالات وتشديد، والحفاظ على الأخلاق الفاضلة والسيرة الحسنة فهم سفراء لبدهم وخير ممثل لعادات وتقاليد شعبهم. وبهذه المناسبة نتوجه إلى إخواننا العائدين إلى أرض الوطن بكلمات نتمنى أن يسمعوها ويحرصو على العمل بها:
- يسر المجلس العلمي المحلي بطنجة أن يستقبلكم بحفاوة استقبال سفراء الإسلام الذين يتحملون مسؤولية تبليغ الرسالة الإسلامية إلى ديار الغربة في أبهى صورها وصفاء تعاليمها، وإن الإجازة الصيفية جزء مهم من عمر الإنسان، يخرج فيه من ضيق وقت الحياة إلى سعة من فسحتها، فاسثمروا هذه الإجازة في طاعة الله والاجتهاد في السياحة في الأرض بما شرع الله.
- من الواجب أن نحافظ على أصالة ناشئتنا، ونعصمها من موقع الزلل، وخطر الاندفاع المشوب بالتقليد، محيين في نفسها الصورة المشرقة للمجتمع الإسلامي الذي امتاز بالتكافل والتراحم.
- لتكن حياتك قدوة في الاستقامة والفضيلة وحسن السلوك وحب الخير للناس والجد في العمل وأداء الأمانة بإخلاص.
- اعتنم هذه الإجازة في التوسعة على الأهل والأبناء وإدخال السرور عليهم في حدود المباح شرعا.
- لتكن رسالتك في دار الغربة رسالة حضارية، تعكس سمو الإسلام ورفعته وعظمته ووسطيته وسماحته في التفكير والسلوك والمعاملة والعمل واحذروا من شبهات ومذاهب التيارات الفاسدة التي تفسد الدين وتشوه معالمه، فديننا الإسلامي لا مغالات فيه ولا تشدد، ولا رهبانية ولا تنطع، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ” إن هذا الدين يسر ، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه ، فسددوا وقاربوا وأبشروا ويسروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة”
- وتجنب الاستماع إلى فتاوى الجاهلين الذين يفتون برأيهم أو بجهل في الدين فيضلون ويضلون، فإذا سألت فاسأل العلماء وإذا استفسرت عن شيء من أمور دينك فاستفت أهل العلم والذكر والتخصص.
- اعلم أن صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وصدقة السر تطفئ غضب الرب، وصلة الرحم تزيد في العمر، واعلم أن تبسمك في وجه أخيك صدقة، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة، وإماطتك الأذى عن الطريق صدقة، والكلمة الطيبة صدقة.
- كن من: ” الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ) ومن (الصَّابِرِينَ عَلَىٰ مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ).
- واعلم أن صلة الأرحام من أهم أسباب الصلة بينك وبين الله تعالى، فالرحم شجنة من الرحمن، ومن وصلها وصله الله. فاحرص على زيارة الأهل والأحباب والأصدقاء.
- تجنب الإذاية والظلم والاعتداء على الغير، فقد ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ثلاث من لم تكن فيه واحدة منهن فلا تعتدوا بشيء من عمله: تقوى تحجزه عن معاصي الله، وحلم يكف به السفيه، وخلق يعيش به بين الناس. تمتع بهذه الصفات حتى تكون من أهل الورع، وحسن خلقك فهو حسبك ونسبك وبه يكمل إيمانك، ويرتفع قدرك بين الناس.
- كن محبا للمساكين، واعمل على أن يكون حبك لهم عطفا وإحسانا، يترجمه الإنفاق عليهم والرحمة بهم، والسعي في تقديم الخير لهم، واحذر أن تكون غير راض بما قسمه الله لك، واشكر الله على ما أعطاك، وإذا أردت مزيدا فاسأل الله من فضله فهو واسع الكرم والعطاء، ولا تقنط من رحمة الله تعالى، وأكثر من الاستغفار ، ثم التوبة إليه ، ففي ذلك يقول تعالى: ( وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ )، وليكن قدوتك في ذلك سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، فقد كان يقول في المجلس الواحد مائة مرة: ( رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم ).
- احرص أخي على هويتك الإسلامية وعلى حبك وتعلقك بوطنك وملكك، فإن ضياع شيء من هذا خسارة لاتعوض، وإياك ودعوات المضلين، وتراهات المغررين، فإنه لا خير فيمن ضيع دينه وفرط في وطنه.