ألا بذكر الله تطمئن القلوب للدكتور عبد الخالق أحمدون

الإرواء الروحي والاطمئنان القلبي في عصر الأزمات
)ألا بذكر الله تطمئن القلوب(
د. عبد الخالق أحمدون

إن زحمة الحياة المعاصرة تخنقنا ، وتُلهينا متاهة مشاغلها الكثيرة، ودوَّامة همومها
الصغيرة والكبيرة، فيتسلَّل الحزن بلا استئذان ضيفًا ثقيلاً على قلوبنا المُنهكة، ويحاصر – –
القلق رؤوسنا المُثقلة، فيقل إحساسنا وتنعُّمنا بالجمال الكامن، الذي أبدعه الله جلَّت قُدرته – –
وأوْدعه في المخلوقات التي تُحيط بنا، ونشاهدها صباحًا ومساءً ، على اعتبار أن الجمال ”
هو مظهر أس ا رر الكمال في هذا العالم المادي” 1 .
وهذا لا يصدر إلا عن أصحاب الأذواق المريضة والقلوب المنتكسة ، أولئك الذين
تصدر عنهم أقوال وأفعال مشوهة غير متناسبة ولا متلائمة ، لأنهم لم يدركوا سر الجمال
فيصدر عنهم ، ولم تألفه نفوسهم فيصبح غريزة من غ ا رئزهم 2 .
لا تُعد هذه الظاهرة أم اً ر مُقلقًا إذا كانت حالة عارضة استثنائية ومحدودة، ولكنها بلا
ش ك تُصبح ظاهرة ضارَّة بالصحة النفسية والجسدية، إذا طال أمدُها واعتادها أصحابُها؛ لأنها
تُو لِّد الكآبة في النفس، وتخطُّ خطوط الحزن مُبعثرة على وجه الحياة .
حاجة البشرية إلى الارتواء الروحي:
حاجة الناس إلى إرواء الظمأ الروحي ملحة وضرورية في عصر الأزمات، بما يعنيه
من افتقار الإنسان إلى ما يثري وجوده ، ويرسخ كينونته ، ويمنحه وقودا لحياته ، ويشبع
حاجته لمعرفة معنى لحياته ، ويكشف له عن سر الحياة ويعزز قد ا رته ، بالمستوى الذي
يجعله قاد ا ر على التغلب على مشكلة الوجود البشري في هذا العالم .