من فضائل الرسول صلى الله عليه وسلم للدكتور محمد الحسني

من فضائل الرسول صلى الله عليه وسلم للدكتور محمد الحسني

من  فضائل الرسول صلى الله عليه وسلم

لا خفاء على من مارس شيئا من العلم، أو خص بأدنى لمحة من  فهم، بتعظيم الله قدر نبينا عليه الصلاة والسلام،وتخصيصه إياه بفضائل ومحاسن ومناقب لا تنضبط بزمام، وتنويهه بعظيم قدره عليه السلام،بما تكل عنه الألسنة والأقلام،فمنها ما صرح به تعالى في كتابه، وأثنى به عليه من أخلاقه وآدابه، فقد قال عز من قائل: (وإنك لعلى خلق عظيم )، وقال أيضا: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا) وقال: (  أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ  الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ)، لقد أكرم الله نبيه صلى الله عليه وسلم بفضائل جمّة ، وصفات عدة، فأحسن خلْقَه وأتم خُلقه، ومنحه جل وعلا فضائل عديدة، وخصائص كثيرة، تميز بها صلى الله عليه وسلم عن غيره، فضلاً عن مكانة النبوة التي هي أشرف المراتب، فعن ابن عباس مرفوعا ” أن الله قسم الخلائق قسمين فجعلني من خيرهم قسما فذلك قوله عز وجل: أصحاب اليمين وأصحاب الشمال، فأنا من أصحاب اليمين وأنا خير أصحاب اليمين، ثم جعل القسمين أثلاثا فجعلني من خيرها ثلثا وذلك قوله تعالى: وأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة والسابقون السابقون، فأنا من السابقين وأنا خير السابقين ثم جعل الأثلاث قبائل فجعلني من  خيرها قبيلة فذلك قوله تعالى: ثم جعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم فأنا أتقى ولد آدم وأكرمهم على الله ولا فخر ،ثم جعل القبائل بيوتا فجعلني من خيرها بيتا فذلك قوله تعالى: إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا” و عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: “قالوا يا رسول الله متى وجبت لك النبوءة قال وآدم بين الروح والجسد” وعن عائشة مرفوعا” أتاني جبريل فقال قلبت مشارق الأرض ومغاربها فلم أر رجلا أفضل من محمد صلى الله عليه وسلم ولم أر بني أب أفضل من  بني هاشم ” وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم ” اتى بالبراق ليلة  أسري به فاستصعب عليه فقال له جبريل: أبمحمد تفعل هذا فما ركبك أحد أكرم على الله منه فانتفض عرقا ”  وروى عنه عليه السلام أنه قال :” أعطيت خمسا ـ وفي رواية ستا ـ لم يعطهن نبي قبلي، نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، وأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لنبي قبلي، وبعثت إلى الناس كافة  وأعطيت الشفاعة ” وفي رواية “بعثت إلى الأحمر والأسود.

 ففضل رسول الله صلى الله عليه وسلم فوق ما يتصوره الإنسان،فضله الله على سائر المخلوقات ومنحه فضائل ومزايا لم يمنحها أحد سواه، كما منحه سبحانه لكل  المسلمين فما من مسلم من مبعثه صلى الله عليه وسلم إلى يوم القيامة إلا ملتمسا من هديه سائرا على طريقته مجتهد في الاتصاف بما منحه الله من مزايا الأخلاق،وعن ابن وهب أنه صلى الله عليه وسلم قال :قال الله  تعالى سل يا محمد؟ فقلت يارب ما أسأل؟ اتخذت إبراهيم خليلا،وكلمت موسى تكليما، واصطفيت نوحا وأعطيت سليمان ملكا لا ينبغي لأحد من بعده، فقال الله تعالى: ما أعطيتك خير من ذلك، أعطيتك الكوثر وجعلت اسمك مع اسمي ينادى به في جو السماء، وجعلت الأرض طهورا لك ولأمتك وغفرت لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فأنت تمشي في الناس مغفور لك، ولم أصنع ذلك لأحد قبلك، وجعلت قلوب أمتك مصاحفها، وخبأت لك شفاعتك ولم أخبئها لنبي غيرك ” وعن حذيفة مرفوعا “بشرني ـ يعني ربه ـ أول من يدخل الجنة معي من أمتي سبعون ألفا مع كل مسلم سبعون ألفا ليس عليهم حساب وأعطاني أن لا تجوع  أمتي ولا تغلب، وأعطاني النصر والعزة والرعب،  يسعى بين يدي أمتي شهرا، وطيب لي ولأمتي الغنائم، وأحل لنا كثيرا مما شدد على من قبلنا ولم يجعل علينا في الدين من حرج ” وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن الله تعالى نظر إلى قلوب العباد فاختار منها قلب محمد صلى الله عليه وسلم فاصطفاه لنفسه فبعثه برسالته. وروي أنه عليه السلام لما نزلت ” وما كان لكم أن توذوا رسول الله ولا تنكحوا أزواجه من بعده أبدا” قام صلى الله عليه وسلم خطيبا فقال: يا معشر أهل الإيمان إن الله فضلني عليكم تفضيلا وفضل نسائي على نسائكم تفضيلا ” وعن العرباض بن سارية مرفوعا أنه صلى الله عليه وسلم قال: ” إني عبد الله وخاتم النبيئين وإن آدم لمنجدل في طينته ودعوة أبي إبراهيم وبشارة عيسى ابن مريم “وعن عبد الله بن عمرو مرفوعا ” أنا محمد النبي الأمي لا نبي بعدي أوتيت جوامع الكلم  وخواتمه وعلمت خزنة النار وحملة العرش فياله من سيد ما أعظمه في الوجود ،وأوفر حرمة مكانته في السعود، وأشرف غرر أوصافه ومزاياه كأنها لآلىء في عقود.

وفضل هذا النبي الكريم ومكانته لاتنحصر في هذا الوجود وفي حياة الدنيا الفانية، بل هو ثابت منذ خلق الله هذا الكون ومستر حاضر حتى بعد فناء الدنيا وقيام الناس للحساب والعقاب، فقد أعطاه سبحانه وتعالى فضل الشفاعة العظمى يوم لاينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم وعمل نافع صالح، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: حدثنا محمد صلى الله عليه وسلم فقال: (إذا كان يوم القيامة ماج الناس (اختلط واضطرب) بعضهم في بعض فيأتون آدم عليه السلام فيقولون: اشفع لنا الى ربك فيقول لست لها ولكن عليكم بإبراهيم فانه خليل الرحمن، فيأتون إبراهيم فيقول لست لها ولكن عليكم بعيسى فانه روح الله وكلمته، فيأتون عيسى فيقول لست لها ولكن عليكم بمحمد،  فيأتونني فأقول: أنا لها فأستأذن ربي فيؤذن لي ويلهمني محامد أحمده بها لا تحضرني الآن، فأحمده بتلك المحامد وأخر له ساجدا فيقال: يا محمد ارفع ارفع رأسك وقل يسمع لك وسل تعط واشفع تشفع) رواه البخاري في باب التوحيد

وروى الإمام مسلم يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: يا رب أمتي أمتي فيقال: يا محمد أدخل الجنة من أمتك من لا حساب عليه من الباب الأيمن من أبواب الجنة وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب).

وروى الإمام البخاري, يقول الرسول فأقول: يا رب أمتي أمتي فيقول انطلق فأخرج من كان في قلبه أدنى أدنى أدنى مثقال حبة من خردل من إيمان فأخرجه من النار فأنطلق فأفعل). وعن أنس في رواية ثانية قال (ثم أعود الرابعة فأحمده بتلك المحامد ثمّ أخرّ له ساجدا فيقال: يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع وسل تعطه واشفع تشفع فأقول: يا رب ائذن لي فيمن قال لا اله إلا الله فيقول: وعزتي وجلالي وكبريائي وعظمتي لأخرجن منها من قال لا اله إلا الله).

وقد وجب علينا معشر المومنين تعظيم هذا النبي الكريم وتبجيله ومحبته، فإيمان المؤمن لا يكون مكتملا إذا كان حبه للرسول ناقصا أو غير كامل، يقول تعالى في سورة آل عمران (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ )، وروى البخاري في صحيحة عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (فوالذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ إليه من والده وولده)

وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون أولا بإدراك مقامه ومكانته وفضله عند الله، والتعرف على هديه وسيرته وصفاته وشمائله وأخلاقه، ثم باتباع سنته وهديه والسير على السبيل القويم والنهج الواضح الذي جاءبه والعمل بكل ما أمر به والابتعاد عن كل ما نها عنه.