مكانة المرأة في الإسلام بمناسبة اليوم العالمي للمرأة 1/2 للدكتور محمد كنون الحسني

مكانة المرأة في الإسلام بمناسبة اليوم العالمي للمرأة 1/2 للدكتور محمد كنون الحسني

مكانة المرأة في الإسلام

بمناسبة اليوم العالمي للمرأة

1/2

لم يفرق الإسلام بين الرجل والمرأة ولا نظر إليه بعين الجلالة ولا إليها بعين الاستهانة، بل هما خلقان متساويان في الحقوق وفي الخلافة في الأرض، ولكل منهما مكانته ودوره الذي ينسجم مع طبيعة خلقه، بل إنه وضع الميزان الحق لكرامة المرأة ومنحها حقوقها الكاملة، ورفع عن كاهلها وزر الإهانات التي كانت ترزح تحتها عبر التاريخ وفي ظل الحضارات القديمة، لقد أعلن إنسانيتها الكاملة وصانها من عبث الشهوات وجعلها عنصرا فعالا في بناء المجتمع وتطوره بعد أن كانت مجرد متاع ووسيلة من وسائل الإستمتاع .فقد نادى بالمساواة بينها وبين الرجل في الحقوق والواجبات وجعلها في مكانتها الاجتماعية التي تستحقها بما يتفق مع رسالتها العظيمة التي خصصتها لها الحياة الطبيعية،منحها حقها في الحياة الحرة الشريفة بعد أن كانت تدفن حية خوفا من الفقر والعار، منحها حقها في اختيار زوجها وجعل لها عليه حقوقا بعد أن كانت كالمتاع يتصرف فيها الرجل كيف يشاء ويفعل بها ما يريد، حيث كان الرجل إذا مات وله زوجة وأولاد من غيرها كان الولد الأكبر أحق بزوجة أبيه من غيره إن أرادها أخذها واعتبرها إرثا كبقية أموال أبيه ليس لها حق الامتناع أو الرفض، وإن أباها تركها لمن يطلبها. منحها حقها في الإرث بعد أن كانت مهضومة هذا الحق في الجاهلية وفي جل الديانات السابقة.وقبل الحديث عن الحقوق التي منحها الإسلام للمرأة ومتعها بها، لابد أن أشير إلى أن قضية المرأة طرحت في فكرنا المعاصر باعتبارها جزءا من المشكل الاجتماعي والثقافي في مجتمع يسوده الانحطاط والتخلف، ويحكمه نظام لم يعد قادرا على مسايرة التطور والتقدم، حيث تبدو المرأة من خلال بعض الكتابات النسائية الحديثة مبخوسة الحق مظلومة من طرف المجتمع، وهي فوق ذلك مقيدة بقيود الإسلام، رازحة تحت أحكامه، مذعورة متمردة عليه، فهو المسؤول عن معاناتها وعن ظلمها وبخسها حقها، وهذا الوضع الذي يحيى فيه نصف المجتمع كفيل بتأخره وتخلفه، فكيف تتقدم أمة ونصفها الثاني معطل مقيد. وهذه النظرة السلبية إلى الإسلام مردها إلى الوضع المزري الذي تحياه المرأة في المجتمعات الإسلامية باسم الإسلام، وما تعانيه المرأة من هضم لحقوقها وتعطيل لطاقاتها باسم الإسلام، والحقيقة أن معاناة المرأة هي في الحقيقة من عدم تطبيق الشريعة الإسلامية، ولما جاءت به الآيات والأحاديث، ولما استنبط علماء السلف من الأحكام، ومن التلاعب بالنصوص الشرعية، ومن قصور في فهم أحكام الإسلام وتحريف لمقاصده وغاياته، ومن المساطير والقوانين الوضعية التي تبعد الحق عن أصحابه وتفتح الباب أمام المتلاعبين بحقوق النساء، إنها معاناة من الابتعاد عن تعاليم الإسلام وأسسه، والانسياق وراء المذاهب الهدامة التي تحاول التقليل من أهمية الإسلام ووصفه بالقصور والعجز عـن حل مشاكل المرأة .

 إن قراءة النصوص التشريعية قراءة صحيحة بعيدة عن أي تعصب أو تحيز، وتأويلها التأويل الصحيح يجعلنا نقف على مكانة عالية للمرأة وضعها الإسلام فيها، وعلى مساواة حقيقية بينها وبين الرجل. فإذا عدنا إلى كتاب الله العزيز دستور الأمة وسراجها وإذا بحثنا في كتب حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لسان الهدى ومنبع الحكمة فسنقف على آيات كثيرة وأحاديث عديدة توحي بحقوق المرأة وتفصح على المبادئ والأسس التي تسوي بين الرجل والمرأة ، وتدرأ عن النساء كل أشكال الاضطهاد والإهانات التي كن يرزحن تحتها في العهود الخالية، فمنذ البدء أعلن القرآن مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في الإنسانية والأصل والمآل:(يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء، واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا )[1]، وقال:(يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم )[2], فالرب واحد والأصل واحد والفرع واحد، لا فضل لذكر على أنثى ولا لأنثى على ذكر إلا بالتقوى والعمل الصالح، فالمرأة كاملة الإنسانية كالرجل لها حق التعليم والمعرفة ولها مكان اجتماعي كريم في مختلف مراحل حياتها منذ طفولتها إلى نهاية عمرها، بل إن هذه الكرامة تنمو كلما تقدمت في العمر من طفلة إلى زوجة إلى أم، حيث تكون في سن الشيخوخة التي تحتاج معها إلى مزيد من الحب والحنو والإكرام، أما إكرامها كبنت فبتربيتها التربية الحسنة وتعليمها والإحسان إليها ففي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيما رجل كانت عنده وليدة فعلمها فأحسن تعليمها.. إلخ )، وأما إكرامها كزوجة فبالإحسان إليها ومعاشرتها المعاشرة الحسنة فقد قال تعالى:(ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة)[3] وقال أيضا: (وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا، وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتاخذونه بهتانا وإثما مبينا،وكيف تاخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقا غليظا)[4]،وقال صلى الله عليه وسلم: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي)، وعن عبد الله بن زمعة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ثم يجامعها في آخر اليوم).وأما إكرامها كأم فبالبر بها والإحسان إليها فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من أحق الناس بصحبتي؟ قال: أمك، قال ثم من؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال: أبوك،وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:أريد الجهاد في سبيل الله، فقال له الرسول:هل أمك حية؟ قال: نعم،فقال: إلزم رجلها فثم الجنة.

  يتبع

 

 

سورة النساء : الآية الأولى [1]

سورة الحجرات : الآية 23 [2]

سورة الروم : الآية 21 .[3]

   سورة النساء : الآية 19 ـ 20[4]