الثوابت الدينية والوطنية 2/5 العقيدة الأشعرية عقيدة أهل السنة والجماعة 1.أهمية وحدة العقيدة في حياة الأمة للدكتور محمد كنون الحسني
الثوابت الدينية والوطنية 2/5 العقيدة الأشعرية عقيدة أهل السنة والجماعة 1.أهمية وحدة العقيدة في حياة الأمة للدكتور محمد كنون الحسني
الثوابت الدينية والوطنية 2/5
العقيدة الأشعرية عقيدة أهل السنة والجماعة
1.أهمية وحدة العقيدة في حياة الأمة
من المسلم به لدى الإنسان أن المرء لا يمكن أن يعيش بدون عقيدة يحملها في قلبه وفكره، ويسير على أساسها في حياته وسلوكه، ولذلكم كان في مقدمة ما جاءت به رسالة الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، بدءا من أولهم آدم فنوح … إلى خاتمهم نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم، هو إصلاح العقيدة و تبيين الصحيح السليم منها.
ولذلك وجب صيانة قلوب المؤمنين من كل ما يشوش على عقيدتهم الدينية الصافية، وذلك بالبناء والتحصين والاستدلال النقلي والعقلي المستمد من وحي القرآن والسنة، واعتماد عقيدة واحدة والأخذ بها، وهي بالنسبة لأهل المغرب العقيدة الأشعرية التي هي عقيدة أهل السنة والجماعة ومذهب السلف الصالح.
لقد اختار المغاربة عقيدة السلف التي اصطفتها مشيخة العلم لتحقيق الأمن الروحي العاصم من فتن مقولات المتفرقين ، وهي العقيدة الأشعرية ، نسبة إلى الإمام أبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري [ت 324هـ] ، نظرا لما وجدوا فيها من درء التشبيه والتعطيل، ولما لمسوا فيها من حفاظ على جوهر العقيدة السليمة والتوحيد الخالص .
وهي العقيدة التي اختارها عُدولُ العلماء لعموم الأمة؛ لأنها تمثل المنهج المقتدر على حِفْظِ عقيدةِ السَّلَفِ في صَيْرورَتِها المستجيبة للتطور التاريخي، استجابة تُمَكِّنُ مِن صيانة عقائد الناس مِن آثار النِّحَل ِالغريبة التي عرفتها المجتمعات المسلمة، كل ذلك في وسطية مُعتدلة ترعى ما جاءت به الشريعة مِن جهة، وما أَذِنَت في مُواكبته مما تدعو إليها الحاجة المنضبطة من جهة أخرى، وسطية متوازنة نشأت بمَا زاوَجت تلكم العقيدة السنية بين العقل والنقل السمع، فلاهي تَصَرُّفٌ بِمَحْضِ العُقولِ بِحَيْثُ لا يَتَلَقّاها الشَّرْعُ بالقَبول، وَلَاهي مَبْنِيّة عَلَى مَحْضِ التَّقْلِيدِ الَّذِي لا يشْهَدُ لها العقلُ بِالتَّأْيِيدِ وَالتَّسْدِيدِ.
وكان من حسنات هذه العقيدة أن ضمنت عبر القرون وحدة المغاربة في مسائل الاعتقاد المتعلقة بالذات والصفات، والأفعال، والقرآن، والإيمان، والقدر، وعذاب القبر، والحوض، والعقاب، والشفاعة، والتأويل وإمارة المُؤمنين. وحفظتهم من الوقوع في فتنة التكفير بالذنب الذي وقع فيه من زعم أن الإيمان لا يكون إلا بفعل الطاعات المفترضة كلها، بالقلب واللسان وسائر الجوارح، وأن من واقع المعصية التي جاء الوعيد عليها في الخبر الصحيح لا حظ له في الإيمان، ولا خلاق له في الآخرة ولا موقع له في الجنان. لأن عقد الأشعري المبارك ينص على أن أصل الإيمان المعرفة بالله، والتصديق له وبه، وبما جاء من عنده بالقلب واللسان، مع الخضوع لجلاله ، والحب لجنابه ، والخوف من عقابه، والتعظيم لجماله وكماله، مع ترك التكبر والاستنكاف والمعاندة.
وكان من بركات عقد هذا الإمام المتناسب في أصوله العامة مع عقيدة الإمام مالك ومواقفه من الفتن المفرقة الضالة ؛ أنه لم يكن في مذهبه لأجل ذلك مبتدع قط، ولم يظهر فيه ولا في بلاد الغرب من أهل الأهواء والخوارج الذين خالفوا أهل السنة .
والأمة الإسلامية اليوم في حاجة ماسة إلى تجديد فهمها على مرتكزات هذه العقيدة التي ينظمها الالتزام العقدي بشروطه المباينة لمسالك الخارجين عن الجماعة من متبعي مضلات الأهواء، والصدور في إثبات الاعتقاد على أصل التنزيه الذي كان عليه الجيل الأول الممثل لسبيل المومنين، الذين كانوا يحملون الألفاظ على أحسن معانيها اللائقة بحق التقديس. والتأويل ـ عند الضرورة ـ بقصد التنزيه، والتعبير بما يفيد التقديس والتمجيد. والوسطية في الاعتقاد المستفادة من القرآن الكريم، على فهم السابقين، ومن المستفيض من السنة النبوية المأثورة بألفاظها التي لم يتصرف الرواة في حروفها، ولم يخالف المسندون في ألفاظها، ولم يدخل المجاز الجاري في الاستعمال في معانيها، وتوافقت مع شرط الصحيح المحتج به المأثور عن منهج العلماء المحققين. والتحفظ من التكفير بلحاظ التقصير في القيام ببعض واجبات الدين، وقد قضى به أبو الحسن الأشعري مذهبا للسلف في قوله: وندين بأن لا نكفر أحدا من أهل القبلة بذنب يرتكبه ما لم يستحله، كالزنا والسرقة وشرب الخمر….
2 – لماذا اختار المغاربة العقيدة الأشعرية واستقروا عليها؟
لقد اختار المغاربة العقيدة الأشعرية واستقروا عليها لأسباب كثيرة منها:
- قيامها على الكتاب والسنة ومذهب السلف الصالح من أهل السنة والجماعة؛
- كونها الامتداد لما كان عليه الصحابة والتابعون ومن جاء بعدهم من الصلحاء؛
- سهولتها ووضوحها وعلميتها وفطريتها؛
- سلامتها في مضمونها ومنهج عرض قضاياها؛
- اعتمادها على النقل أصلا والعقل شارحا ومبينا عند مناقشة الأدلة والحجج؛
- مكانة أبي الحسن الأشعري، كونه إمام المتكلمين في زمانه وخطيب أهل السنة، واطلاعه الواسع على المذاهب العقدية الأخرى، كعقيدة المعتزلة وغيرهم؛
- دخولها إلى المغرب عن طريق كبار علمائه الذين أقروها واعتمدوها مذهبا لهم؛
- أثرها الطيب في توحيد بلاد المغرب وغيرها من مناطق شمال إفريقيا وغربها وساحلها؛
- إجماع الأمة عليها؛ إذ هي عقيدة السواد الأعظم منها؛
2- أشهر المؤلفات في العقيدة الأشعرية
– “الإبانة عن أصول الديانة ” لأبي الحسن الأشعري
– “اللمع في الرد على أهل الزيغ والبدع ” له أيضا
– “الإنصاف فيما يجب اعتقاده ” لأبي بكر بن الطيب الباقلاني (ت403هـ)
– ” التمهيد ” له أيضا.
– “الاعتقاد ” لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي(ت458هـ)
– “الأسماء والصفات” له أيضا
– ” العقيدة البرهانية ” لأبي عمرو السلالجي الفاسي (ت574هـ).
– ” الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد ” للجويني (ت 478 هـ).
– ” تحفة المريد شرح جوهرة التوحيد ” للشيخ إبراهيم بن محمد البيجوري(ت1277هـ) وهو شرح على منظومة” جوهرة التوحيد ” لأبراهيم بن حسن اللقاني (ت1041 هـ).
– “شرح جوهرة التوحيد ” للشيخ عبد الكريم الرفاعي والشيخ وهبي سليمان غاوجي.