السبعة الذين يظلهم الله يوم القيامة -2 – للدكتور محمد كنون الحسني

السبعة الذين يظلهم الله يوم القيامة -2 – للدكتور محمد كنون الحسني

 

السبعة الذين يظلهم الله يوم القيامة

-2 –

تحدثنا في العدد الماضي عن السبعة الذين يظلهم الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله ، وذكرنا منهم:

إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال إلى نفسها فقال إني أخاف الله، ونتمم في هذا العدد الحديث عن الباقين فنقول:

 قوله:” ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه”، المراد بالصدقة صدقة التطوع، وقد صور بعضهم إخفاءها بأن يتصدق على الضعيف في صورة المشتري منه فيدفع له مثلا درهما فيما يساوي نصف درهم فالصورة مبايعة والحقيقة صدقة،  قال الله تعالى: ” إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ ۖ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ” وأخرج أحمد في مسنده بسند حسن مرفوعا : “إن الملائكة قالت يا رب هل من خلقك شيء أشد من الجبال؟ قال نعم الحديد، قالت فهل أشد من الحديد؟ قال نعم النار، قالت فهل أشد من النار؟ قال نعم الماء، قالت فهل أشد من الماء؟ قال نعم الريح، قالت فهل أشد من الريح؟ قال نعم ابن ادم يتصدق بيمينه فيخفيها عن شماله”، وأخرج الطبراني مرفوعا “صدقة السر تطفئ غضب الرب”، وأخرج أحمد وابنا خزيمة وحبان والحاكم مرفوعا :” أن الرجل في ظل صدقته حتى يقضى بين الناس وفي حديث آخر ما أحسن عبد الصدقة إلا أحسن الله الخلافة على بنيه، وكان في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله، وحفظ في يوم صدقته من كل عاهة وآفة”.

 قوله: ورجل ذكر الله أي بلسانه أو بقلبه خاليا أي من الناس أو من الالتفات إلى غير المذكور وإن كان في ملأ، ففاضت عيناه أي سالت بالدمع لرقة قلبه وشدة خوفه من جلاله، وفي حديث الترمذي والنسائي مرفوعا :”لا يلج النار من بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع ولا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم في منخر أبدا”، وفي حديث ءاخر : “ما من عبد يخرج من عينيه دموع وإن كانت مثل رأس الذباب من خشية الله ثم تصيب شيئا من حر وجهه إلا حرمه الله على النار”، وعن عائشة قالت قلت يا رسول الله أيدخل أحد من أمتك الجنة بغير حساب؟ قال نعم من ذكر ذنوبه فبكى ، وروى ابن ماجة عن أنس مرفوعا:” من ذكر الله ففاضت عيناه من خشية الله حتى يصيب الأرض من دموعه لم يعذبه الله يوم القيامة”، وفي حديث آخر :”إذا اقشعر قلب المومن من خشية الله تحاتت عنه خطاياه كما يتحات عن الشجرة ورقها”، وفي حديث آخر ” ثلاثة لا ترى أعينهم النار، عين حرست في سبيل الله وعين بكت من خشية الله وعين كفت عن محارم الله”.

وقد ورد عن مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم خصال موجبة للظلال في ظل العرش يوم القيامة سوى ما ذكر في حديث السبعة من ذلك ما رواه مسلم وأحمد مرفوعا:” من أنظر معسرا أو وضع عنه أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله”، المعسر هو من عليه دين وتعسر عليه أداؤه، وإنظاره تأخيره إلى أن ييسر الله عليه، والوضع عنه هو التصدق عليه بالإبراء من كل الدين أو بعضه ، أما إنظاره أي تأخيره إلى اليسر فواجب، وأما التصدق عليه بالإبراء من الكل أو البعض فمستحب وهو أفضل هنا من الواجب، قال تعالى: ” وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍ ۚ وَأَن تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ “، لأن فيه الثناء الجميل في الدنيا والثواب الجزيل في العقبى.

 ومنها ما رواه الطبراني في مكارم الأخلاق مرفوعا : ” التاجر الصدوق تحت ظل العرش يوم القيامة”، وفي رواية: إن سيد التجار رجل لزم التجارة التي دل الله عليها من الإيمان بالله ورسوله وجهاد في سبيله فمن لزم البيع والشراء فلا يذم إذا اشترى ولا يمدح إذا باع وليصدق الحديث ويؤد الأمانة ولا يتمن للمسلمين الغلاء فإذا كان كذلك كان كأحد السبعة الذين في ظل العرش.

 ومنها ما رواه أبو الشيخ في الثواب والأصبهانى في الترغيب مرفوعا : “ثلاث من كن فيه أظله الله تحت عرشه يوم لا ظل إلا ظله: الوضوء على المكارم والمشي إلى المساجد في الظلم وإطعام الجائع”.

 ومنها ما رواه أحمد والبيهقى في الشعب مرفوعا:” أتدرون من السابقون إلى ظل العرش يوم القيامة؟ قالوا الله ورسوله أعلم، قال الذين إذا أعطوا الحق قبلوه وإذا سئلوه بذلوه وحكموا للناس حكمهم لأنفسهم”.

 ومنها ما رواه أبو نعيم وأبو الشيخ في الثواب مرفوعا:” من أراد أن يظله الله بظله فلا يكن على المومنين غليظا وليكن بالمومنين رحيما”.

ومنها ما رواه الديلمى في مسنده وأبو الشيخ مرفوعا:” ثلاث في ظل العرش يوم القيمة يوم لا ظل إلا ظله، واصل الرحم يزيد الله في رزقه ويمد في أجله، وامرأة مات زوجها وترك عليها أيتاما صغارا فقالت لا أتزوج أقوم على أيتامي حتى يموتوا أو يغنيهم الله، وعبد صنع طعاما فأطاب صنعه وأحسن نفقته ودعا عليه اليتيم والمسكين فأطعمهم لوجه الله”.

 ومنها ما رواه ابن عساكر عن ابن مسعود  ” قال الله لموسى عليه السلام الذي لا يحسد الناس ولا يعق والديه ولا يمشي بالنميمة في ظل العرش يوم القيامة”.

 ومنها ما رواه أبو نعيم في الحلية عن كعب الأحبار: ” أوحى الله إلى موسى في التوراة يا موسى من أمر بالمعروف ونهى عن المنكر ودعا الناس إلى طاعتي فله صحبتي في الدنيا وفي قبره وفي القيامة ظلي”.

 ومنها ما رواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده عن علي بن أبي طالب مرفوعا : ” من صلى بعد المغرب ركعتين يقرأ في كل ركعة الفاتحة وقل هو الله أحد خمس عشرة مرة جاء يوم القيامة فلا يحجب حتى ينتهي إلى ظل العرش”.

 ومنها ما رواه الديلمى عن أنس مرفوعا ثلاث تحت ظل عرش الله يوم لا ظل إلا ظله: “من فرج عن مكروب من أمتي ومن أحيا سنتي ومن أكثر الصلاة علي”.